ان الولاية هي ما يعطيه القانون من سلطة الى فئة من الناس، دون سواهم وعلى وجه التخصيص، من اجل القيام بوظيفة محددة.
فإن وظيفة الجيش هي الدفاع عن الوطن وان وظيفة القاضي هي الحكم بين الناس بإسم الشعب اللبناني وبالتقيّد بالاحكام التي نصت عليها قوانين التنظيم القضائي والمحاكمات المدنية منها والجزائية والقوانين المتعلقة بالموضوع كقانون الموجبات والعقود وقانون العقوبات وقانون التجارة، وليس كما يرغب.
وعندما يخرج قاضٍ عن حدود ولايته واختصاصه ويتخذ قرارات أو يقوم بممارسات خارج نطاق وظيفته فإن هذه القرارات تكون منعدمة الوجود ولا سبل مراجعة بشأنها. فإذا لم يعيده رؤساؤه الى داخل نطاق ولايته اصبح من الواجب مراجعة وزير العدل بل والشعب اللبناني، الذي لا ولاية قضائية لأحد الا بإسمه ونيابة عنه، من أجل إلزامه بذلك تحت طائلة المسؤولية التأديبية والجزائية.
وإن موضوع هذا الكتاب المفتوح هو احد الرؤساء الاول لمحاكم الاستئناف. وقد حدد قانون التنظيم القضائي صلاحيات الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف، وبالتالي حدود ولايته، على النحو التالي:
(أ) تقديم اقتراح بشأن توزيع الاعمال بين الغرف. لكن القرار يصدر عن وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الاعلى. (المادتان 15 و18)
(ب) السهر على حسن سير اعمال الدوائر التابعة له وتصريف الاعمال بصورة طبيعية. (المادة 19)
(ج) تنظيم المناوبة القضائية اثناء العطلة القضائية. (المادة 21)
(د) تكليف قاض لتأمين اعمال قاضي آخر تابع لمحكمته اذا تعذر عليه ذلك. (المادة 20)
وإن الرئيس الاول موضوع هذا الكتاب المفتوح هو القاضي الذي يرأس اليوم محكمة الاستئناف في جبل لبنان. وقبل انتقال هذه الولاية اليه فإنه، ونتيجة لتنحي رئيس احدى الغرف الاستئنافية في ملفين استئنافيين، قام الرئيس الاول الذي سبقه بتكليف قاض برئاسة الغرفة المذكورة في الملفين المذكورين. وهذا القاضي هو رئيس الغرفة الابتدائية الثالثة في بعبدا الذي، وحتى اليوم، لم يُطلب رده ولم يعرض تنحيه عن الملفين ولم يصرح بإستشعاره بالحرج. ومع ذلك فإن الرئيس الاول كلف قاضياً آخر هو رئيس الغرفة الابتدائية الاولى برئاسة محكمة الاستئناف في الملفين حالاً محل رئيسها المتنحي وأصرّ على هذا التكليف وكأن القاضي الذي تم تكليفه أولاً غير موجود أو انه رده عن الملفين او نحاه عنهما من عنده !
ولما كان من الثابت ان القاضي المكلف أولاً لم يتعذر عليه تأمين اعمال القاضي المتنحي، فإن لا ولاية للرئيس الاول الاستئنافي لتنحيته عن الملفين، دون ان تكون له الولاية او السلطة لذلك، وتكليف سواه.
ولما طلبت من القاضي المكلف بصورة غير قانونية رفع يده عن الملف اصدر الرئيس الاول الاستئنافي عدة قرارات بالاصرار على هذا التكليف.
لذا فإنني اطالب وزير العدل خاصة والشعب اللبناني عامة بإتخاذ ما يلزم لاعادة الرئيس الاول الاستئنافي في بعبدا الى داخل حدود ونطاق ولايته والغاء قراراته المعدومة الوجود.
بكل مودة .
المحامي محمد مغربي